فرط نشاط المثانة

يُعَدُّ فرطُ نشاط المثانة Overactive bladder مشكلةً في وظيفة التخزين في المثانة، حيث تُسبِّب رغبةً مُلحَّةً ومفاجئةً للتبوُّل. وقد يَصعُبُ إيقافُ هذه الرغبة، حيث يمكن أن يؤدِّي فرطُ نشاط المثانة إلى خروج البول بشكلٍ لا إرادي (سَلَس)..


مقدِّمة

فرطُ نشاط المثانة مشكلةٌ يُعاني منها حوالي 30% على الأقل من الأشخاص الذين تجاوزوا 60 سنة من عمرهم. وتُصاب به النساءُ أكثر من الرجال، ويمكن أن تتراوحَ الإصابةُ به بين التنقيط العَرَضي للبول إلى الفقدان التام للسيطرة على المثانة.

قد يشعر الشخصُ بالحَرَج إذا كان يُعاني من فرط نشاط المثانة، ممَّا يؤدِّي إلى عزل نفسه أو تقييد عمله وحياته الإجتماعيَّة.

يبدأ تدبيرُ فرط نشاط المثانة باتِّباع إستراتيجيَّاتٍ سلوكيَّةٍ غالباً، مثل جدولة شرب السوائل وتوقيت التبوُّل وتقنيَّات ضبط المثانة باستعمال عضلات قاع الحوض. ولكن، إذا لم تُساعد هذه الجهودُ الأوَّليَّة على تدبير أعراض فرط نشاط المثانة بشكلٍ كافٍ، يمكن اللجوءُ عندئذٍ إلى معالجاتٍ ثانية وثالثة، دوائية وغير دوائية.


الأعراض

عندَ الإصابة بفرط نشاط المثانة، يمكن أن يحدثَ ما يلي:

  • الشعور برغبةٍ مُلِحَّةٍ ومفاجئةٍ للتبوُّل يَصعُب ضبطُها.
  • المعاناة من سلس البول الإلحاحي urge incontinence، حيث يخرج البولُ بشكلٍ غير إرادي فورَ الشُّعور بالرغبة المُلِحَّة في التبوُّل.
  • التبوُّل المتكرِّر، حيث يحدث ثماني مرَّاتٍ أو أكثر خلال 24 ساعة.
  • الاستيقاظ مرَّتين أو أكثر خلال الليل للتبوُّل (البُوال الليلي).

ورغم إمكانيَّة الوصول إلى المرحاض في الوقت المناسب عندَ الشعور بالحاجة إلى التبوُّل، لكن قد يؤدِّي التبوُّل المتكرِّر وغير المتوقَّع والتبوُّل الليلي إلى اضطراب في حياة الشخص.


متى ينبغي مراجعة الطبيب

يجب ألاَّ يُعَدَّ فرطُ نشاط المثانة جزءاً طبيعيَّاً من التقدُّم بالعمر، رغم شيوعه بين كبار السنِّ. ويمكن للشخص الذي تزعجه هذه الأعراضُ اللجوء إلى إستراتيجيَّات سلوكية وخيارات علاجية، وهي كما يلي:

قد لا يكون من السهل مناقشةُ مثل هذا الأمر الخاص مع الطبيب، ولكنَّ ذلك يستحقُّ المناقشة، وخصوصاً إن كانت الأعراضُ تُعرقل جدول العمل والعلاقات الاجتماعيَّة والنشاطات اليوميَّة.


الأسباب

وظيفة المثانة الطبيعيَّة

تقوم الكُلى بإنتاج البول، الذي يُصَرَّف إلى المثانة. ويمرُّ البولُ عند التبوُّل من المثانة من خلال فتحةٍ في الأسفل، ويجري خارجاً من أنبوبٍ يُسمَّى الإحليل (مجرى البول). تَتَوضَّع فتحةُ الإحليل عندَ النساء فوقَ المهبل مباشرةً. بينما تكون فتحةُ الإحليل عندَ الرجال في ذروة القضيب.

عند امتلاء المثانة، تُرسَل إشاراتٌ عصبيَّة إلى الدماغ، حيث تقوم بتحفيز الشعور بالحاجةِ إلى التبوُّل في نهاية المطاف. وتقوم إشاراتٌ عصبيَّةٌ، عندَ التبوُّل، بتنسيق استرخاء عضلات قاع الحوض وعضلات الإحليل (عضلات المُصِرة المثانيَّة urinary sphincter muscles). وتصبح عضلاتُ المثانة مشدودة (تتقلَّص)، لتدفع البولَ إلى الخارج.

تقلُّصات المثانة اللاإراديَّة

يحدث فرطُ نشاط المثانة عندما تبدأ عضلاتُ المثانة بالتقلُّص لاإراديَّاً، حتَّى عندما يكون حجمُ البول في المثانة قليلاً. ويؤدِّي هذا التقلُّصُ اللاإرادي إلى الشعور بالحاجة الملحَّة إلى التبوُّل.

يمكن أن تُسهمَ حالاتٌ عديدةٌ في ظهور علامات وأعراض فرط نشاط المثانة، بما فيها:

  • الاضطرابات العصبيَّة، مثل داء باركنسون والسكتات الدماغيَّة والتصلُّب المتعدِّد.
  • زيادة كميَّة البول المُنتَجَة، مثلما قد يحدث عندَ شرب كمية كبيرة من السوائل، أو ضعف عمل الكُلى، أو الإصابة بداء السُّكَّري.
  • استعمال الأدوية التي تُسبِّب زيادةً سريعة في إنتاج البول، أو التي يتطلَّب استعمالُها شربَ كميَّة كبيرة من السوائل، ومن هذه الأدوية:

المدرَّات.

العقاقير المحتوية على الكافيين.

بعض أدوية الاكتئاب.

المعالجة بالهرمونات المعيضة (الهرمونات الأنثويَّة).

المهدِّئات.

  • عدوى المسالك البوليَّة الحادَّة التي يمكن أن تُسبِّب أعراضاً مشابهة لفرط نشاط المثانة.
  • وجود حالات شاذَّة في المثانة، كالأورام أو حصى المثانة.
  • العوامل التي تُعيق خروجَ البول من المثانة، مثل تضخُّم البروستات أو الإمساك أو العمليَّات السابقة لعلاج أشكال أخرى من سلس البول.
  • الاستهلاك الزائد للكافيين.
  • نقص الوظيفة الإدراكيَّة بسبب التقدُّم بالسن، ممَّا قد يجعل من الصعب على المثانة تفسيرَ الإشارات التي تصلها من الدماغ.
  • صعوبة المشي، والتي يمكنها أن تؤدِّي إلى زيادةٍ في الشعور بالإلحاح في المثانة إذا لم يكن الشخصُ قادراً على الوصول إلى الحمَّام بالسرعة المطلوبة.
  • عدم تفريغ المثانة بشكلٍ كامل، حيث قد يؤدِّي ذلك إلى ظهور أعراض فرط نشاط المثانة، بسبب بقاء حيِّز قليل لتخزين البول.
  • الإمساك.

يكون السببُ النوعي لفرط نشاط المثانة غير معروفٍ غالباً


عوامل الخطر

تزداد عواملُ الخطر بالنسبة لحدوث فرط نشاط المثانة مع التقدُّم في السن. كما يزداد خطرُ الإصابة بالأمراض والاضطرابات أيضاً، مثل ضخامة البروستات وداء السُّكَّري، وهذا ما يمكن أن يُسهمَ في حدوث مشاكل أخرى في وظيفة المثانة.

يظهر فرطُ نشاط المثانة عندَ الكثير من الناس المصابين بنقص الإدراك؛ مثلاً، بعدَ الإصابة بالسكتة الدماغيَّة أو الإصابة بداء ألزهايمر. ويمكن تدبيرُ سلس البول النَّاجم عن هذه الحالات عن طريق جدولة شرب السوائل، وتوقيت التبوُّل، واستعمال السراويل الماصَّة، وبرنامج التبرُّز.

يعاني بعضُ الناس، بالإضافة إلى فرط نشاط المثانة، من مشاكلَ في ضبط الأمعاء (التبرُّز)، لذلك ينبغي إخبارُ الطبيب عن تزامن هاتين الحالتين في حال وجودهما معاً.


المضاعفات

يمكن أن يؤثِّر أيُّ نوعٍ من السلس في طبيعة الحياة بشكلٍ عام؛ فإذا سبَّبت أعراضُ فرط نشاط المثانة خللاً كبيراً في حياة المريض، فقد يكون لديه أيضاً:

  • ضائقة نفسيَّة.
  • اكتئاب.
  • اضطرابات في النوم ودورات من النوم المتقطِّع.

قد يوصي الطبيبُ بعلاج الحالات المرتبطة بهذه المشكلة، ولكن من غير المعروف ما إذا كان العلاجُ الفعَّال للحالة المرافقة سوف يساعد على علاج الأعراض البوليَّة.

توجد أربعةُ أنواعٍ شائعة للسلس هي:

  • سَلَسُ الإِجهَاد Stress incontinence: يحدث عندما يتسرَّب البولُ لاإراديَّاً في أثناء السُّعال أو الضحك أو الانحناء أو غير ذلك من الأشياء التي تسبِّب ضَغطاً على البطن. وهو شائعٌ أكثر عندَ النساء، ولكنَّه يُصيب الرجالَ أيضاً. والأسبابُ الشائعة للإصابة به هي ضعف العضلات حولَ فتحة المثانة نتيجة جراحةٍ أو ولادةٍ أو عَوَز هرمون الإستروجين بعد انقطاع الدورة الشهريَّة (سنّ اليأس).
  • سَلَس البَوْل الإِلحَاحي Urge incontinence: وهو تسرُّبُ البول الذي يحدث عندَ وجود رغبةٍ مفاجئة في الذهاب إلى المرحاض؛ ولكن، نتيجةً لعدم القدرة على الوصول إلى المرحاض، يحدث التبوُّل.
  • السلس الفيضي (سَلَس الإفاضة) Overflow incontinence: يحدث عندما يتسرَّب البولُ من المثانة الممتلئة، التي لم يجرِ تفريغُها بشكلٍ كامل في أثناء التبوُّل، ممَّا يؤدِّي إلى حدوث احتباس مزمن للبول. وقد تكون هذه الحالةُ ناجمةً عن الضَّرَر التي أصاب الأعصابَ التي تتحكَّم بالمثانة، من أمراضٍ مثل داء السُّكَّري أو إصابات لحقت بالنخاع الشوكي، فجعلت تفريغَ المثانة أضعفَ. كما يمكن أن تنتجَ عن حالاتٍ تعيق انفتاح المثانة وتمنع تفريغها، مثل تضخُّم البروستات عند الرِّجال.
  • السلسُ الوظيفي Functional incontinence: يحدث عندما تعمل المثانةُ والإحليل بشكلٍ طبيعي، ولكن لا يمكن للشخص الوصول فعليَّاً إلى المرحاض، فيتسرَّب البول، أو يحدث نتيجة ضعف قدراته العقليَّة التي تتداخل مع شعوره بالحاجة إلى التبوُّل والوصول إلى المرحاض في الوقت المطلوب. وتشيعُ هذه الحالةُ عندَ مرضى ألزهايمر ومرضى الأشكال الأخرى من الخَرَف.


الاختبارات والتشخيص

ينبغي أن يقومَ الطبيبُ بالتحرِّي عن وجود إصابةٍ بعدوى أو عن وجود دمٍ في البول، وذلك عندَ معاناة المريضِ من إلحاحٍ غير مألوف للتبوُّل. كما قد يرغب الطبيبُ أيضاً في التأكُّد من إفراغ المثانة من البول بشكلٍ كاملٍ عند التبوُّل.

ويبحث الطبيبُ عن الأدلَّة التي قد تشير إلى العوامل المُساهِمة في حدوث هذه الحالة. ويُحتَملُ أن يشتملَ عمله على ما يلي:

  • التعرُّف إلى التاريخ الطبِّي للمريض.
  • إجراء الفحص السريري مع التركيز على فحص البطن والأعضاء التناسليَّة.
  • التحرِّي عن وجود عدوى أو آثار دمٍ أو أيَّة شذوذات في عيِّنةٍ من البول.
  • إجراء فحص عصبي مُركَّز قد يُظهِرُ وجودَ مشاكل حسيَّة أو منعكسات غير طبيعيَّة.

اختبارات خاصَّة

قد يطلب الطبيبُ إجراءَ اختبارٍ بسيط للحركيَّة أو الدِّينمية البوليَّة urodynamic test لتقييم عمل المثانة وقدرتها على التفريغ المنتظم والكامل.

ويتطلَّب إجراءُ هذه الاختبارات الإحالةَ إلى اختصاصي عادةً، وتشتمل هذه الاختباراتُ على:

  • قياس حجم البول المتبقِّي في المثانة.

يُعدُّ هذا الاختبارُ مهمَّاً إذا لم تُفرَّغ المثانة بشكلٍ كاملٍ عندَ التبوُّل، أو عند المعاناة من السَّلس البولي، حيث إنَّ البولَ المُتبقِّي (بعد التبوُّل) قد يُسبِّب أعراضاً شبيهةً بأعراض فرط نشاط المثانة.

قد يطلب الطبيبُ إجراءَ فحصٍ بالموجات فوق الصوتيَّة لقياس حجم البول المُتبقِّي بعدَ إفراغ المثانة، أو قد يُمرِّرُ أنبوباً رفيعاً (قثطاراً) من خلال الإحليل إلى المثانة لتصريف وقياس كميَّة البول المتبقِّية.

  • قياس مُعدَّل تدفُّق البول urine flow rate، وذلك لقياس حجم وسرعة الإفراغ، وقد يطلب الطبيبُ من المريض التبوُّلَ في مقياس جريان البول، حيث يترجم هذا الجهازُ البيانات إلى رسمٍ بيانيٍّ للتغيُّرات في معدَّل تدفُّق البول.
  • اختبار ضغوط المثانة Testing bladder pressures. يقدِّر قياسُ المثانة الضغطَ فيها وفي المنطقة المحيطة بها خلال ملء المثانة؛ حيث يستعمل الطبيبُ خلال هذا الاختبار أنبوباً رفيعاً (قثطاراً) لملء المثانة ببطءٍ بالماء الدافئ. ويجري وضعُ قثطارٍ آخرَ مع جهاز استشعارٍ لقياس الضغط في المستقيم أو في المهبل عند المرأة.

يمكن أن يُحدِّدَ هذا الإجراءُ وجودَ أو غياب التقلُّصات العضليَّة اللاإراديَّة أو المثانةَ المُتصلِّبة التي ليس لديها القدرة على تخزين البول تحت ضغطٍ منخفض. وقد يُطلَبُ من المريض تفريغ المثانة في أثناء فترة الدراسة (دراسة ضغط الجريان)، وهذا ما يمكِّن من قياس الضغط المُستَعمَل لإفراغ المثانة أيضاً، ولتوضيح وجود انسداد في المثانة (عائق)؛ فالانسداد أو العائق – النَّاجم عن تضخُّم البروستات عند الرجال أو عن هبوط أعضاء الحوض لدى النساء – يمكن أن يؤدِّي إلى ظهور أعراض فرط نشاط المثانة.

يُستَعمل هذا الاختبارُ عند الأشخاص الذين يُعانون من أمراضٍ عصبيَّةٍ تصيب النخاعَ الشوكي عادةً.

ينبغي أن يراجعَ الطبيبُ نتائجَ أيِّة اختباراتٍ مع المريض، وأن يقترحَ اتِّباع إستراتيجيَّةٍ للعلاج.


المعالجات والأدوية

يُرَجَّح أن يوصي الطبيبُ باستعمال توليفةٍ من الإستراتيجيَّات العلاجية لتخفيف الأعراض.

التدابير السلوكيَّة

تُعدُّ التدابيرُ السلوكيَّة الخيارَ الأوَّل في المساعدة على علاج فرط نشاط المثانة. وغالباً ما تكون فعَّالةًً، ولا تنطوي على أيَّة آثارٍ جانبيَّة. ويمكن أن تشتملَ هذه التدابيرُ السلوكيَّة على:

  • تمارين عضلات قاع الحوض (تمارينُ كيجيل). تُقوِّي تمارينُ كيجيل Kegel exercises عضلاتِ قاع الحوض والعضلة العاصرة (المصرَّة) البوليَّة. ويمكن أن تُساعدَ تقويةُ هذه العضلات على إيقاف التقلُّصات اللاإراديَّة في المثانة. كما يمكن أن يساعدَ الطبيبُ أو اختصاصي العلاج الفيزيائي المريضَ على تعلُّم طريقة القيام بتمارين كيجيل بشكلٍ صحيح. وقد يحتاج الأمرُ إلى ممارسة هذه التمارين لمدَّة تتراوح بين 6-8 أسابيع قبلَ ملاحظة تحسُّن في الأعراض.
  • الوزن الصحِّي. قد يؤدِّي إنقاصُ الوزن إلى تخفيف الأعراض عند المريض البدين. كما قد يكون إنقاصُ الوزن مُساعداً على علاج سلس الإجهاد.
  • تناول السوائل: قد يُوصي الطبيبُ بمقدارٍ مُعيَّن من السوائل، وقد يقترح مواعيدَ مناسبة لتناول هذه السوائل.
  • التبوُّل المزدوج. يُساعد على تفريغ المثانة بشكلٍ أكثرَ اكتمالاً، حيث يوصي الطبيبُ بالانتظار بضعَ دقائق بعد التبوُّلُ، ثمَّ القيام بمحاولةٍ أخرى لتفريغ المثانة.
  • جدولة الذهاب إلى المرحاض. ينبغي وضعُ جدولٍ زمنيٍّ للذهاب إلى المرحاض؛ فمثلاً، كلَّ ساعتين أو أربع ساعات، وهذا ما يجعل الشخصَ يعتاد التبوُّل في الأوقات نفسها يوميَّاً، بدلاً من الانتظار حتى الشعور بالحاجة إلى التبوُّل.
  • القثطرة المتقطِّعة. يُساعد الاستعمالُ المنتظم للقثطار بهدف تفريغ المثانة تماماً على القيام بما لا يمكنها القيام به من تلقاء نفسها. ولكن، ينبغي سؤالُ الطبيب عن مدى ملاءمة هذه الطريقة لحالة المريض.
  • · الوسائد الماصَّة. يمكن ارتداءُ وسادات ماصَّة أو ملابس داخليَّة لحماية الثياب، وللمساعدة على تفادي الحوادث المُحرجَة، ممَّا يعني عدمَ الحاجة إلى تحديد النشاطات التي يمكن القيامُ بها. وتتوفَّر الملابسُ الماصَّة بمجموعةٍ متنوِّعةٍ من المقاسات ومستويات الامتصاص.
  • تدريبُ المثانة. يتضمَّن تدريبُ المثانة تدريبَ النفس على تأخير التبوُّل عند الشعور بالحاجة إلى ذلك. ويمكن البدءُ بتأخيرٍ قليلٍ في التبوُّل، كالتأخير لمدَّة 30 دقيقة، والعمل على زيادة المدَّة إلى أن تصلَ إلى التبوُّل كل 3-4 ساعات. ولكن، لا يمكن تدريبُ المثانة إلاَّ إذا كان الشخصُ قادراً على شدِّ (تقليص) عضلات قاع الحوض بنجاح.

الأدوية

يمكن أن تساعدَ الأدويةُ، التي تُرخي المثانة، على تخفيف أعراض فرط نشاط المثانة والتقليل من حدوث عوارض السلس الإِلحاحي. وتشتمل هذه الأدويةُ على:

  • توليرودين Tolerodine.
  • أوكسي بوتينين  Oxybutynin كلصاقة جلديَّة.
  • هلام (جِل) أوكسي بوتينين Oxybutynin gel.
  • تروسبيوم Trospium.
  • سوليفيناسين Solifenacin.
  • داريفيناسين Darifenacin.
  • ميرابيغرون Mirabegron.
  • فيسوتيرودين Fesoterodine.

تشتمل الآثارُ الجانبيَّة لمعظم هذه الأدوية على جفاف العينين وجفاف الفم، ولكنَّ شربَ الماء لإرواء العطش يمكن أن يؤدِّي إلى تفاقم أعراض فرط نشاط المثانة. كما أنَّ الإمساكَ، كأثر جانبيّ مُحتَمل آخر، قد يؤدِّي إلى تفاقم أعراض المثانة. ولكن، قد تتسبَّب الأشكالُ المديدة المفعول من هذه الأدوية، بما فيها اللُّصاقاتُ الجلديَّة أو الهلام، في ظهور آثارٍ جانبيَّةٍ أقل.

يُعدُّ علاجُ الآثار الجانبيَّة للدواء الفعَّال أكثرَ أهميَّةٍ من إيقاف الدواء؛ فمثلاً، قد ينصح الطبيبُ بمصِّ قطعة حلوى خالية من السُّكَّر أو بمضغ علكةٍ خاليةٍ من السكَّر للتخفيف من جفاف الفم، وباستعمال قطرةٍ عينيَّةٍ للحفاظ على رطوبة العينين.

قد تكون المستحضَراتُ المُباعَة من دون وصفة طبيبة، مثلَ منتجات البيوتين Biotene، مفيدةً لتدبير جفاف الفم على المدى الطويل. ولتجنُّب حدوث الإمساك، قد ينصح الطبيبُ باتِّباع نظامٍ غذائيٍّ غنيٍّ بالألياف أو باستعمال مُليِّنات البراز.

من الأرجح ألاَّ تفيدَ أدويةُ المثانة في عدم الاستيقاظ ليلاً للتبوُّل؛ فهذه المشكلة ليست متعلِّقة بالمثانة مطلقاً، إنَّما بالطريقة التي يتعامل بها القلبُ والكليتان مع سوائل الجسم، وهذا ما يمكن أن يتغيَّرَ بمرور الوقت؛ فقد يزداد التبوُّل الليلي أكثر من النَّهاري مع التقدُّم بالعمر.

حُقَن المثانة

يمكن استعمالُ أونابوتولينومتوكسين أ Onabotulinumtoxin A، والذي يُسمَّى أيضاً بوتوكس Botox، وهو بروتينٌ ماخوذ من الجراثيم المُسبِّبة للتسمُّم الوشيقي botulism illness، وذلك في جرعاتٍ صغيرةٍ يجري حقنُها في أنسجة المثانة مباشرةً، حيث يَشُلُّ هذا البروتين العضلات جزئيَّاً.

تُظهِر الدراساتُ السريريَّة بأنَّه قد يكون من المفيد استعمالُه في الحالات الشديدة من السلس. ولكن لم تجرِ الموافقةُ على استعماله من قِبَل هيئة الغذاء والدواء الأمريكيَّة لهذه الغاية، عند الأشخاص الذين لا يُعانون من الأمراض العصبيَّة؛ وآثارُه مؤقَّتة، حيث تستمرُّ ما بين 6-9 أشهر فقط.

قد يؤدِّي استعمالُ هذا الدواء إلى تفاقمٍ في مشكلة تفريغ المثانة عندَ كبار السنِّ والأشخاص المنهكين الذين يُعانون من مشاكل صحيَّة أخرى. ولذلك، يجب على المريض الذي يُفكِّر في استعمال العلاج بالبوتوكس Botox أن يكونَ مُستعدَّاً وقادراً على إجراء قثطرةٍ بوليَّة لنفسه عند حدوث احتباسٍ بولي.

التنشيط العصبي

يمكن أن يُحسِّنَ تنظيمُ الدفقات العصبيَّة إلى المثانة من أعراض فرط نشاطها؛ كاستعمال سلكٍ رفيعٍ يُوضَع بالقرب من العصبين العَجُزيَّين اللذين ينقلان الإشارات إلى المثانة، ويمرَّان بالقرب من عظم الذنب (العُصعُص).

يُجرى هذا العملُ الجراحي غالباً عن طريق محاولة وضع سلكٍ مؤقَّت، أو كإجراءٍ متقدِّم بزرع قطبٍ كهربائي دائم حيث تُجرَى محاولة أطول قبلَ اللجوء إلى الزرع الجراحي لمولِّد نبضات يعمل بالبطَّارية؛ ثمَّ يستعمل الطبيبُ جهازاً موصولاً بالسلك لإيصال الدفعات الكهربائيَّة إلى المثانة، بشكلٍ يشبه عملَ جهاز ضبط ضربات القلب (النَّاظِمة القلبية).

وإذا نجح هذا الإجراءُ في التقليل من الأعراض، فينبغي ربطُ السلك إلى جهاز البطاريَّة الصغير المتوضِّع تحت الجلد في نهاية المطاف.

الجراحة

يُحتَفَظ بالخيار الجراحي، في علاج فرط نشاط المثانة، للأشخاص الذين يُعانون من أعراضٍ شديدةٍ، ولا يستجيبون للمعالجات الأخرى، حيث تكون الغايةُ هي تحسين قدرة المثانة التخزينية وإنقاص الضغط فيها. ولكنَّ هذه الإجراءات لا تساعد على تخفيف ألم المثانة؛ وتتضمَّن ما يلي:

  • جراحة زيادة سِعَة المثانة. يُستَعمَل في هذا الإجراء قطعةٌ من الأمعاء لاستبدال جزءٍ من المثانة. وتُجرى هذه الجراحةُ في حالات السَّلس البولي الإلحاحي الشديد  التي لا يستجيب لأيَّة تدابير علاجيَّةٍ غير جراحيَّة أخرى. وعند اللجوء إلى العلاج الجراحي، قد تكون هناك ضرورةٌ إلى استعمال القثطار بشكلٍ مُتقطِّعٍ بقيَّةَ الحياة لتفريغ المثانة.
  • إزالة المثانة. يُستَعمَل هذا الإجراءُ كملاذٍ أخيرٍ، وهو يقوم على إزالة المثانة وتكوين بديلٍ جراحيّ لها، أو القيام بإنشاء فتحةٍ في الجسم (فُغرَة) ترتبط بكيس على الجلد لجمع البول.

تغييرات نمط الحياة والعلاجات المنزليَّة

قد تساعد تغييراتُ نمط الحياة على تقليل الأعراض، مثل:

  • المحافظة على الوزن الصحِّي. قد يُخفِّف إنقاص الوزن من الأعراض إذا كان المريض بديناً، حيث يكون خطرُ الإصابة بسلس الإجهاد أكبرَ عند الأشخاص زائدي الوزن، ويمكن أن يتحسَّنَ ذلك بإنقاصه.
  • الالتزام بجدولٍ زمنيٍّ لشرب السوائل. ينبغي الاستفسارُ من الطبيب عن حجم السوائل التي يحتاج إليها المريض يوميَّاً؛ فقد تخفُّ أعراضُ فرط نشاط المثانة عند الأشخاص القادرين على إنقاص استهلاكهم للسوائل بحوالي 25%.
  • تجنُّب تناول الكافئيين. يزيد شربُ المشروبات المحتوية على الكافيين الأعراضَ سوءاً، ولذلك قد يكون من الحكمة تجنُّبُ شربها.

الطِبُّ البديل

لا توجد معالجاتٌ تكميليَّة أو بديلة ناجحة بشكلٍ مُثبَت في تدبير فرط نشاط المثانة؛ حيث تُشير الدراساتُ إلى أنَّ المعالجات بالمنعكسات والتنويم ليست فعَّالةً في علاج هذه الحالة.

وفيما يلي العلاجات التكميليَّة التي قد تكون مفيدة:

  • الارتجاع البيولوجي Biofeedback. يجري، خلال هذه المعالجة، ربطُ الجسم بأجهزة استشعار كهربائيَّة  تساعد على قياس وتلقِّي المعلومات عن الجسم. ويمكن لأجهزة استشعار الارتجاع البيولوجي هذه أن تُعلِّمَ المريضَ طريقةَ إحداث تغييرات دقيقةٍ في الجسم، مثل تقوية عضلات الحوض، بحيث يمكن التحكُّم بالحالة عند الشعور بالرغبة المُلحَّة في التبوُّل.
  • الوخز بالإبر Acupuncture. يقوم الممارسون للوخز بالإبر باستعمال إبرٍ شديدة الرُّفعِ تُستَعملُ لمرَّةٍ واحدة. وقد أشارت إحدى الدراسات الصغيرة إلى أنَّه يمكن للوخز بالإبر أن يكونَ مساعداً على تخفيف أعراض فرط نشاط المثانة.

التكيُّف والدعم

يمكن أن يكونَ العيش بوجود فرط نشاط المثانة صعباً.

تهيِّئ مجموعات الدَّعم الفرصةَ للتعبيرعن المخاوف وتُعلِّم إستراتيجيَّات جديدة للتكيُّف والعناية الشخصيَّة.

وقد يُساعد تثقيفُ العائلة والأصدقاء حول فرط نشاط المثانة على تكوين مجموعةٍ داعمةٍ خاصَّةٍ لتخفيف الشعور بالإحراج.


الوقاية

قد تُقلِّل خياراتُ نمط الحياة الصحيَّة من احتمال فرط نشاط المثانة:

  • القيام بنشاطٍ بدنيٍّ يوميٍّ منتظمٍ مع ممارسة الرياضة.
  • الحَدُّ من استهلاك الكافيين.
  • الإقلاع عن التدخين.
  • تدبير الحالات المرضيَّة المزمنة، مثل داء السُّكَّري، والتي قد تُسهِمُ في ظهور أعراض فرط نشاط المثانة.
  • معرفة موضع عضلات قاع الحوض، والقيام بتقويتها من خلال ممارسة تمارين كيجل: شَدّ أو تقليص العضلات، ثمَّ الاستمرار في التقلُّص لمدَّة ثانيتين، ثمَّ إرخاء العضلات لثلاث ثوان؛ والعمل على الاستمرار في التقليص لخمس ثوان، وبعدها لعشر ثوان في كلِّ مرَّة. ويجب القيامُ بثلاث مجموعاتٍ يتكوَّن كلٍّ منها من 10 مرَّات مكرَّرة يوميَّاً.