خبراء يشككون بنتائج دراسة ربطت استخدام الهواتف المحمولة بالإصابة بالسرطان!

شكك خبراء من المعهد الأمريكي الوطني للصحة بصحّة نتائج دراسة حديثة أجريت على الجرذان وأظهرت وجود صلة بين التعرض لإشعاعات الهواتف المحمولة والإصابة بالأورام.

وبحسب مجلة وول ستريت جورنال فإن الدراسة، التي قام بها برنامج علم السموم الوطني الذي تُديره الحكومة الفيدرالية، أشارت إلى ما أسمته “تواجداً محدوداً” لنوعين من الأورام عند ذكور الجرذان المُعرّضة لأحد أشكال الإشعاعات التي تنبعث من الهواتف المحمولة.

ونوعا الأورام المقصودان هما الورم الدبقي الدماغي glioma brain cancer والورم الشفاني السليم في القلب benign schwannomas of the heart، وذلك بحسب الدراسة التي كلّفت أكثر من 25 مليون دولار أمريكي، وتُعد الأكبر والأشمل من نوعها لتقييم تأثير الهواتف المحمولة على الصحة.

وبحسب ملخص النتائج الذي صدر في وقت متأخر من يوم الخميس الماضي عن برنامج علم السموم الوطني، فإنه: “وبالنظر إلى الانتشار الكبير لتقنية الهواتف المحمولة بين الناس من جميع الأعمار، فيمكن لأيّة زيادة، ولو كانت بسيطة جداً، في خطر الإصابة بأحد الأمراض بسبب التعرّض لإشعاعات الترددات الراديوية أن تترك تأثيراً كبيراً على صحة المجتمع”.

ولكن خبراء من المعهد الأمريكي الوطني للصحة سارعوا إلى التشكيك بصحّة نتائج الدراسة، وإيجاد منافذ للطعن فيها، وذلك بحسب وكالة أسوشيتد برس للأنباء.

فعلى سبيل المثال، أشار خبراء المعهد الوطني للصحة إلى أن الدراسة قامت بتعريض الجرذان إلى مستويات مرتفعة جداً من الإشعاعات الخلوية، وذلك بدءاً من حياة الجرذان الجنينية وطوال السنتين الأوليتين من عمرها. ومع ذلك، فلم يُصب سوى 2-3 في المائة فقط من ذكور الجرذان (وليس إناثها) بالأورام المذكورة.

ويقول خبراء المعهد الوطني للصحة بأن عدم إصابة أي من إناث الجرذان بالأورام هو أمرٌ غريبٌ، ولا تقف الغرابة عند ذلك فحسب، بل الغريب أيضاً أن الجرذان التي لم تتعرض إلى الإشعاعات قد توفيت بأعمارٍ أصغر من تلك التي تعرّضت لها. كما أن الجرذان التي لم تتعرض للإشعاعات لم تتطور لديها أورامٌ بنفس النسبة النادرة المتوقعة في تعداد الفئران “العادي”.

يقول الدكتور ميشيل لوير، نائب مدير المعهد الوطني للصحة: “بناءً على تلك المُعطيات، فلا يمكنني القبول أو التسليم بنتائج هذه الدراسة، وأرى بأنها تعاني من خللٍ جوهري، وأن النتائج الإيجابية المحدودة التي توصلت إليها هي نتائج كاذبة”.

ويُضيف لوير: “أضف إلى ذلك أن نتائج الدراسة أظهرت بأن الفئران المُعرضة للإشعاعات قد عاشت لفتراتٍ أطول من أقرانها التي لم تتعرض للإشعاعات، وهو ما يجعلني أكثر ريبةً تجاه ادعاءات مُعدّي الدراسة”.

من المُفترض أن يجري نشر نتائج دراسة برنامج علم السموم الوطني بشكلٍ كاملٍ في خريف العام 2017.

ولكن، وبحسب المعهد الوطني للصحة، فإنه من الضروري القول بأن بياناتٍ سابقةٍ جرى جمعها في سياق دراساتٍ ضخمةٍ على البشر قد وجدت دليلاً محدوداً بزيادة خطر الإصابة بالسرطان عند مُستخدمي الهواتف المحمولة. وفي المقابل فإن العديد من الدراسات لم تجد رابطاً بين استخدام الهواتف المحمولة والإصابة بمشاكل صحية، ونذكر في هذا الصدد الدراسة الأسترالية الحديثة التي لم تجد زيادةً في خطر الإصابة بسرطان الدماغ بين مستخدمي الهواتف المتحركة منذ أول ظهورها في ثمانينات القرن الماضي وحتى يومنا الحالي، وغيرها من الدراسات المماثلة في بلدان أخرى.

في حين يؤيد خبراء آخرون نتائج دراسة برنامج علم السموم الوطني، ويقول رون ميلنيك الذي ترأس المعهد منذ تأسيسه إلى أن تقاعد في العام 2009: “أعتقد بأن هذه الدراسة قد قطعت الشك باليقين، ولم يعد هناك مجالٌ لأحد كي يقول بأن استخدام الهواتف المحمولة غير ضار”.

وبين هذا وذاك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الدراسة ستؤثر على تشريعات هيئة الاتصالات الفيدرالية FCC الناظمة لأمان الهواتف الخلوية.

يقول الناطق باسم هيئة الاتصالات الفيدرالية: “تتابع هيئة الاتصالات الفيدرالية جميع الأدلة العلمية الواردة بهذا الشأن، وسنلتزم بأيّة توصيات ترد إلى الهيئة من الإدارات الصحية المعتمدة والخبراء الصحيين، وقد نعمد إلى تعديل لوائح الهيئة بناءً على ذلك”.

هيلث داي نيوز، إي جي مانديل