زواج الأقارب عرف اجتماعي ..هل هو مشروع قصري وقع ضحيته الكثير! ام انه نواة لبناء مجتمع سليم

 

– لا يمكن الجزم بزواج الأقارب هل هو ناجح ام فاشل لان الزواج هو مشروع لبناء اسرة

 تحقيق/ وسن البلداوي

الزواج هو سنة من سنن الحياة التي فرضها الله على عباده، وهو نعمة من أجل نعم الله على خلقه، بل هو آية من آيات الله التي تدل على كمال عظمته وحكمته  قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم

مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون)

وذلك لان النفس البشرية تحتاج من يؤنسها لكن! تسود في المجتمعات العربية بشكل عام ومجتمعنا العراقي بشكل خاص ظاهرة زواج الاقارب او ما يسمى (الزواج اللحمي) هو زواج من اهم أهدافه المحافظة على بقاء رابطة الدم والنسب واستمرارها وعدم اختلاطها بغيرها من باب العادات والأعراف.

 ففي بعض الثقافات تفضل القرابة كمعيار يؤسس عليه الزواج والتركيز بصفة أخص على القرابة القصوى، أي الزواج من أبناء العمومة ، فالثقافة الشعبية تنص على ان أموال أهل الزوجة أي الارث لا يجب ان تذهب خارج نطاق العائلة، ونظرا للصبغة الفلاحية التي تطبع المجتمعات، فيشكل مركز الاهتمام الرئيسي في الاختيار الطباع والاخلاق المتلائمة  والعادات المتشابهة مع هذه الصبغة فالبعض يخاف ان يخطب امراة غريبة خوفا من انها تحمل عادات وتقاليد واخلاق تختلف عن عاداته وتقاليده واخلاقه.

ورغم ان الدين والعرف حلل هذا الزواج الا ان بحوث علمية اشارت الى توخي الحيطة والحذر اذ تؤكد معظم الدراسات العلمية عن الامراض الوراثية والعيوب الخلقية التي قد تنجم من هذا الزواج .

لكن نتساءل هل الزواج مجرد عقد ام انه شراكة حقيقية بين رجل وامرأة بغض النظر ان كانت المرأة تربطها بالرجل رابطة الدم او النسب، فاهم ما يربط الاثنين هو العاطفة والتفاهم والشراكة الحقيقية في بناء اسرة قادرة على بناء مجتمع متماسك.

من هذا المنطلق (شعبة الاعلام في كلية التمريض) استطلعت بعض الآراء من مختلف شرائح المجتمع وذوي الاختصاص حول موضوع زواج الاقارب وهل هم (مع او ضد ) هذا الزواج فكانت لنا معهم هذه الوقفة.

الزواج هو مشروع بناء وليس هدم

الدكتور سلمان حسين فارس معاون عميد كلية التمريض بجامعة كربلاء يقول:

لا يمكن الجزم بـ (نعم او ضد) حول زواج الأقارب  لان الزواج هو مشروع لبناء اسرة والتي تعتبر نواة لبناء المجتمع، فاذا توفرت متطلبات الزواج بكل جوانبه الشخصية والعائلية لكلا الطرفين ممكن ان يكون ناجحا، اما اذا فرض هذا المشروع بشكل قصري على الطرفين كونهم قريبين دون ان يكون له اطار من التفاهم والانسجام بين الزوجين فسينتهي الى الفشل كان يكون الطلاق او يستمر ولكن تبقى العائلة تشعر بعدم الانسجام مما يؤثر على الحالة النفسية لأفراد العائلة  وكذلك يؤدي الى نتائج عكسية أي التباعد والتخاصم بين العوائل بدل زيادة اللحمة والارتباط وهذا يؤثر على المجتمع بصورة عامة فالزواج مشروع بناء وليس هدم.

 

الزواج هو اجمل علاقة انسانية

السيدة/  عذراء ناجي تقول:

الزواج هو اجمل علاقة انسانية تربط بين بنو البشر فلربما كان الأنسب أن يتزوج الرجل من قريبته ، كأن تكون هناك اعتبارات اجتماعية ترجح الزواج مع القرابة ، وربما كان الزواج من الأقارب يفضي إلى قطع الرحم ، أو زيادة المشاحنات، فكل حالة تناقش بحد ذاتها.

زواج الأقارب يزيد من أواصر المحبة

السيد فرزدق محمد نقل تجربته الشخصية حول الموضوع زواج الاقارب قائلا: ان الزواج الاقارب مهم جدا لزيادة اواصر التواصل والمحبة بين الاقرباء اضافة الى ان الزوج يكون لديه معرفة سابقة عن شريكة حياته منذ صغر سنها ومعرفة اهلها وطباعهم، والقرابة تولد الحب بين الرجل المرأة والاهل ايضا كون الرابطة كبيرة فهي رابطة الدم وعشرة العمر.

فيما خالفته الراي السيدة زهراء كاظم مجيد تخالف قائلة : انا ضد زواج الاقارب ويأتي رايي لعدة اسباب منها لتجنب نقل الصفات الوراثية السالبة، فاذا كانت تلك الاسرة تحمل الصفات السالبة فالأبناء يكونون اكثر عرضة بالاضافة الى ان هناك جوانب سلبية اخرى في حالة اختيار البنت الزواج من ابن عمها ومنها تقليل مساحة الاختيار وتكون حياة الفتاة  معرضة للتنازل لأنها من اقارب الزوج فتكون الفتاة هي الضحية، وختمت حديثها بالقول الاتفاق والتوافق الفكري هو الاساس في الزواج.

ليست هناك قاعدة ثابتة للزواج

الطالبة دعاء ثائر تقول: الزواج ليست له قاعدة ثابته في اختيار الزوج بل هو شراكة وقيمة كبيرة تربط رجل وامرأة بعيدا عن كل المسميات الأخرى المهم ما يربطهما من ثوابت الحب والتفاهم والانسجام سواء اكان الطرفين أقارب او غرباء. 

 تراكم الصفات الوراثية

المدرس المساعد حسن السلامي استاذ الكيمياء الحياتية في كلية الطب بجامعة كربلاء يقول:

يتسبب زواج الأقارب، لو استمر لعدة أجيال، في تراكم الصفات الوراثية غير الجيدة مما يؤدي إلى ضعف النسل، حيث تؤكد معظم الدراسات العلمية عن

ان العيوب الخلقية والامراض الشائعة التي تحدث سببها تكرار زواج الأقارب

وكشفت العديد من الأبحاث العلمية التي أجريت حول زواج الأقارب أن الإصابة بتلك الأمراض والاعاقات لدى الأطفال من ابوين قريبين واضحة بسبب عدم إجراء الفحص الطبي لدى الزوجين قبل الزواج، حيث تكون الفرصة أكبر لدى الزوجين من الأقارب في حمل صفات وراثية متنحية عندما يكون كل واحد من الأبوين حاملاً للصفة المسببة للمرض.

اما اذا كان في الأسرة عوامل وراثية مرغوبة ليست في غيرها من الأسر مثل صفات الجمال والذكاء والقوة أو طول العمر وغيرها ، حينئذ يكون زواج الأقارب أفضل من زواج الأباعد، شريطة ان تكون هناك موافقة كاملة من كلا الطرفين أي الزوج والزوجة وعوائلهم ، لكن من رايي يجب ان لا يستمر الزواج بين الأقارب جيلا حتى لا تتحول الأسر إلى مجتمعات صغيرة منغلقة.

بين هذا القول وذاك يبقى الزواج بعيدا عن كل الأطر التي فرضتها الاعراف والتقاليد علاقة إنسانية حقيقية تربط بين شريكين مدى الحياة ينتج عنها جيلا يساهم في بناء مجتمع سليم ومتحضر.