توصلت دراسةٌ حديثةٌ إلى أن العلاجات المنزلية لسرطان الجلد (مثل المرهم الأسود black salve) قد تفاقم الحالة سوءاً بدلاً من معالجتها، وذلك على الرغم من الوعود البرّاقة التي يُطلقها مُنتجو هذه المستحضرات.
ويُعلل الباحثون ذلك بالقول أن بعض المرضى يستخدمون ما يُسمى بالمرهم الأسود على أمل التخلص من السرطانات الجلدية، إلا أن هذا العلاج المزعوم يحتوي على مواد مُخرّشة للجلد قد تقضي على الطبقة السطحية منه، تاركةً السرطان ينمو ويتطور في طبقات البشرة الأسفل.
يقول المُعدّ المساعد للدراسة الدكتور مارك إلياسون، اختصاصي الأمراض الجلدية والأستاذ بجامعة يوتاه الأمريكية: ” يسود للأسف فهمٌ خاطئٌ بين المرضى، وهو أن المرهم الأسود قادرٌ على علاج السرطان، بينما هو في الحقيقة يُدمّر كل شيء أمامه بدون تمييز، سواءً كان سرطاناً أو أنسجةً سليمةً. ولعل أحد الأسباب التي تجعل المرهم الأسود خطيراً جداً هو عدم إدراك المرضى لهذه الحقائق”.
قام الباحثون بمقابلة مرضى جرّبوا التداوي بالمرهم الأسود، ووجدوا بأن ما نسبته 74 في المائة منهم لم يكونوا واعين تجاه الآثار الجانبية لهذا العلاج المزعوم، والتي منها العدوى والتندب وتشوّه الجلد.
ويقول الباحثون، إن ما يزيد الطين بلّة هو أن المرهم الأسود يؤخر اكتشاف وعلاج سرطان الجلد، مما يمنح السرطان فرصةً للتمدد والانتشار، ويُصعّب من مهمة علاجه.
يقول إلياسون: “إن مشاهدة شيء ما مريب أو مختلف على سطح البشرة يستلزم استشارة اختصاصي الأمراض الجلدية للحصول على تشخيص وعلاج مناسب للحالة. لأنه إذا كانت الحالة آفة سرطانية ولم تُعالج بشكل صحيح وفوري، فقد تكون العواقب كارثية”.
ويقول الخبراء بأنه لا توجد أيّة أدلة علمية تُثبت أمان أو فعالية العلاج بالمرهم الأسود، كما أن هذا العلاج المزعوم غير مُرخص أو مسموح به من قبل هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، بل على العكس، هو مُدرج على القائمة السوداء لهيئة الغذاء والدواء كعلاج مُزيف للسرطان ينبغي على المرضى تجنبه.
تقول المُشرفة العامة على الدراسة الدكتورة سارة سيبريانو، اختصاصية أمراض الجلد والأستاذة بجامعة يوتاه: “على الرغم من أن المرهم الأسود ممهورٌ بعبارة تقول أنه مُنتج طبيعي، إلا أنه ليس آمناً للاستخدام البتّة! وإن الاعتماد على أقوال الناس غير المختصين ومزاعم شركات التسويق ونتائج البحث العشوائي على الإنترنت قد يُوردُ المرءَ المهالك”.
وتُشير سيبريانو إلى أن مُعظم المشاركين في الدراسة الذين استخدموا المرهم الأسود كانوا قد سمعوا به عن طريق أحد الأصدقاء أو أفراد العائلة، وأن ما نسبته 30 في المائة فقط منهم استشاروا طبيبهم أولاً.
كما أظهرت الدراسة بأن بعض المرضى الذين استخدموه كانوا يهدفون من ذلك إلى تجنّب التداخل الجراحي، في حين أن بعضهم الآخر استخدمه اعتقاداً منه بأنه فعّال، وتعمّد بعضهم الآخر عدم سؤال الطبيب عنه لقناعته بأن الطبيب لن يسمح له باستخدامه.
تقول سيبريانو: “لقد تعاملت مع العديدِ من المرضى الذين عانوا من الآثار الجانبية للمرهم الأسود. ونأمل أن يؤدي بحثنا هذا إلى زيادة مستوى الوعي حول الآثار الضارة للمرهم الأسود وغيره من المنتجات غير المُرخصة، والتي تفوق أضرارها كثيراً فوائدها المزعومة. وإننا نحثّ المرضى من جانبٍ آخر على استشارة طبيب الأمراض الجلدية قبل استخدام أية مستحضرات علاجية منزلية”.
جرى نشر الدراسة في عدد مايو من مجلة الأكاديمية الأمريكية لطب الجلد.
هيلث داي نيوز، ماري إليزابيث دالاس