يشير أنصارُ الطبِّ البديل (الشعبي) من المسلمين وغيرهم في كتاباتهم إلى قدرة الصوم على تخليص الجسم من الخلايا المريضة والهَرِمة والميتة, مُعطِياً بذلك للخلايا الجديدة والشابَّة فرصةً أكبر للتمدُّد والنشاط وإصلاح ما تلف من الأنسجة والخلايا؛ بل يذهب بعضهم إلى القول بأنَّ ذلك يقلِّل من نسبة الإصابة بالسرطان. ومن الكلام المتداول في هذا قول أحدهم: “الصومُ أداةٌ يمكن أن تعيدَ الشباب والحيوية إلى الخلايا والأنسجة المختلفة في البدن”.
ونحن على طريقتنا المتَّبعة في هذا الموضوع، سنقوم بدراسة علمية متأنِّية لهذه الفائدة، وذلك في النقاط التالية:
كيف يتم تجديد الخلايا في الجسم؟
ترميمُ النُّسُج وتَجديدها Tissue repair & replacement مصطلحٌ في تجديد الخلايا، يُقصَد منه القدرة التي جعلها الله الخالق سبحانه وتعالى في الجسم لإيجاد خلايا جديدة محلَّ الخلايا القديمة التالفة والميتة. والتجديدُ نوعان:
1) التجديد التلقائي المستمر
حيث إنَّ بعضَ خلايا الجسم في تجدُّدٍ مستمرٍّ حتَّى في الأحوال الطبيعية، كالجلد الذي تتغيَّر خلاياه بالكامل بشكلٍ دوري، وكريَّات الدم الحمراء التي تتجدَّد كلَّ 3 أشهر، والكريَّات البيض التي يعيش بعضُها من 100 إلى 300 يوماً، وبعضها يعيش سنوات.
2) التجديد في حالات الجروح والإصابات والالتهابات
وهو تَجديدٌ في حالة الطوارئ عندما يُصاب الجسمُ بجُرح أو إصابة، أو عندما يحصل التهابٌ في منطقة ما من الجسم. وينجم عن الالتهاب في العادة ضحايا من الطرفين، يقوم الجسمُ بتجميع مخلَّفات المعركة من الخلايا القتيلة والأنسجة التالفة على هيئة صديد وقيح.
وتكتشف الخلايا المجاورة للخلايا التالفة الأمرَ، فيُلهمها الباري عزَّ وجل أن تتكاثرَ، وتنقسم بسرعة لتلدَ خلايا جديدة محلَّ أخواتها اللاتي قضين نحبهن!.
لكن ليس كلُّ خلايا الجسم قابلة للتجديد، فخلايا المخِّ والأعصاب والعضلات لا تتجدَّد إلاَّ في حالاتٍ معيَّنة وبالحدود الدُّنيا. ولهذا إذا حصلت إصابةٌ أو التهاب في هذه الخلايا، فإنَّ الذي يقوم بالتعويض خلايا أخرى عادةً اسمها الأرومات الليفية Fibroblast cells، حيث تقوم بإنتاج مادَّة بروتينية تحل محلَّ الخلايا التالفة، وهي الندبة Scar التي تراها أحياناً على الجلد بعدَ الإصابات.
كيف يجري التخلُّصُ من الخلايا الميتة والمريضة والهرمة والسرطانية؟
لقد جعل اللهُ تعالى في الجسم نظاماً بديعاً مُحكَماً غايةَ الإحكام، يقوم بصيانة دورية مستمرَّة لخلايا الجسم، بواسطة كريَّات الدم البيضاء، التي لا يعطيها قدرَها إلاَّ من عرف حقيقةَ الدور الذي تقوم به من أجلنا.
فحيثما وَجدت هذه الخلايا نسيجاً قد تلف، أو أصابته جرثومة، أو تضرَّر من إصابة أو جرح، أو مات أو هرم وشاخ، أو ما هو أخطر من ذلك بأن بدأ يتمرَّد وتظهر عليه بوادر التسرطن والتحوُّل إلى خلايا سرطانية، فإنَّ هذه الخلايا البيضاء تقوم مباشرة بتدميره.
كيف يساعد الصوم على تجديد الخلايا؟
أمَّا أنصارُ الطبِّ البديل، وهم في العادة يستخرجون الحقائق من التنظير، فإنَّهم يرون أنَّ الصيامَ يساعد على تجديد الخلايا، لأنَّ الخلايا المريضة والتالفة لا تتحمَّل الصيام فتموت، ويجري استبدالُها بغيرها، وهو تفسيرٌ يبدو منطقياً، لكنَّه لا يزال في مرحلة النظرية، ويحتاج إلى إثبات أو نفي بالدراسات المختبرية، وهذا ما لا يتوفَّر حالياً.
ولذا، فإنَّ غايةَ ما نقوله: إنَّ هناك رأياً نظرياً لا يزال في مرحلة الفرضية، وهو أنَّ الصيامَ يساعد على تجديد أنسجة الجسم، لكن ليس هناك دراساتٌ علمية تسند هذا الرأي.
المراجع
صحة الصائم
د. خالد الجابر