إن أغلب الأطفال الذين يراجعون العيادات الخارجية في المستشفيات أو المراكز الصحية ، وهم يعانون من حرارة مع وعكة صحية ، يقال لهم بأن عندهم ( بلاعيم )..!!
ترى .. فما حكاية البلاعيم هذه !؟ وما الذي يعنيه أطباؤنا الأعزاء من هذا المصطلح !؟ وهل صحيح بأنها هي سبب المرض في كل هذه الأعداد الهائلة من الأطفال !!!؟ في الحقيقة : إن التهاب اللوذتين ، أو البلعوم ، عند الأطفال ، هو جزء من مجموعة التهابات تطال الأعضاء التنفسية العلوية ، ابتداء من الأنف إلى الحلق والبلعوم واللوذتين وحتى القصبات الهوائية ..إلخ ونحن عندما نقول : التهاب البلعوم الحاد مثلا ، إنما نعني به التهاب المجاري التنفسية العلوية هذه ، مع تركز الإصابة في منطقة الحلق Throat . وعندما نقول : التهاب اللوذتين الحاد ، فإنما نعني به ما سبق ، وعلى هذا الأساس نقول : بأن التهاب البلعوم الحاد ، أو التهاب اللوذتين الحاد ، إذا كانا هما المقصودان ، أحدهما ، أو كلاهما ، بمصطلح ( بلاعيم ) ، فهما غير شائعين عند الأطفال تحت السنة الأولى من العمر. والصحيح : أن التهاب البلعوم الحاد ، هو مرض الأطفال في سن المدرسة ، حيث يبلغ قمة حدوثه في عمر 4-7 سنوات ، ويستمر خلال مرحلة الطفولة والشباب ، وهو إن حدث في الطفل فلا علاقة له البتة باللوذتين ، بمعنى : أن وجود اللوذتين أو عدمهما ، لا يؤثر لا على قابلية الطفل للإصابة ، ولا على سير المرض ومضاعفاته .! يحدث التهاب البلعوم الحاد في الأطفال بسببين : الأول : فيروسي ، وهو الغالب ، حيث يشكل نسبة لا تقل عن 80-85% من الحالات . والثاني : جرثومي ، ونسبته لا تزين على 15% من الحالات ، والجرثومة المعنية في الغالب هي المكورات السبحية Group A – beta-hemolytic streptococcus. ومن هنا فإن الصورة السريرية للمرض تختلف بحسب العامل المسبب .. فإذا كان السبب فيروسيا : فغالبا ما تكون بداية المرض تدريجية ، على شكل حرارة ، وتعب عام ، مع فقدان الشهية للطعام ، وغالبا ما يشكو ومن الدلائل على كون المرض فيروسي ، ترافق الإصابة مع أعراض الرشح المعروفة . وإذا فحصنا فم الطفل في هذه المرحلة فإننا نجد احمرارا في الغشاء المخاطي ، مع بعض التقرحات فيه. أما اللوذتان Tonsills فغالبا ما تكبران ، أو تكونان محمرتان ، ومغطاتان بطبقة متسخة من الإفرازات . وأما الغدد اللمفية Lymphnodes فتكبر أحيانا ، وخاصة في منطقة الرقبة ، وتكون مؤلمة بالجس . التهاب البلعوم الفيروسي : مرض بسيط ، وذو شفاء ذاتي ، إذ غالبا ما تزول أعراضه في غضون 24-48 ساعة ، ويندر أن يبقى لأكثر من خمسة أيام ، كما تندر فيه المضاعفات . وأما إذا كان السبب جرثوميا : فالأمر يختلف تماما ، فهو أولا يندر في الأطفال دون عمر السنتين ، كما أنه قد يتظاهر بأعراض غير نموذجية ، مثل : الصداع ، والتقيؤ ، وألم البطن ، فضلا عن الحرارة التي قد تصل بقي السؤال الأكثر أهمية ، وهو : كيف نعالج هؤلاء الأطفال .!؟ ولكن ، كيف للطبيب الذي يعمل في المناطق الريفية مثلا ، والذي لا يمتلك إلا سماعته الطبية لتشخيص المرض ، حيث لا زرع جرثومي ، ولا تحليلات مصلية . أقول : كيف للطبيب أن يفرق بين الشكل الفيروسي البسيط ، والذي لا يحتاج إلى علاج ، وبين الشكل الجرثومي الخطير ، الذي إذا لم يعالج بصورة حازمة ، فربما ترك في الطفل مضاعفات خطيرة مثل: روماتزم وهنا يأتي دور الخبرة والتدريب الناجح ، بعد التوكل على الله ، فكلما كان الطبيب حاذقا ، ومدربا ، ومتأنيا في الفحص ، كلما كان تشخيصه دقيقا. وإذا وضع التشخيص الدقيق ، فالعلاج سهل وبسيط . مع تمنياتنا بالصحة الدائمة لأطفالنا الأعزاء |