دراسة حديثة: ضرب الكرة بالرأس، وإن كان خفيفاً، يمكن أن يُلحق الأذى بالرؤية!

وصلت دراسة حديثة إلى أن تعّرض الرأس إلى الارتطام بشكل متكرر قد يؤدي إلى تغيّم رؤية الأجسام القريبة بشكل جزئي، حتى وإن كانت آثار الارتطام غير ملحوظة على المستوى الحسي، أو أن الضربة ليس من القوة بمكان كي تؤدي إلى الإصابة بارتجاج في الدماغ.

وبحسب هذه الدراسة، فإن العديد من لاعبي كرة القدم في المدارس يُصابون في أثناء الموسم الكروي بمشكلة بصرية تُدعى “نقطة التقارب القريبة near point of convergence”، حتى وإن لم يُصب أحدٌ منهم بارتجاج في الدماغ.

يقول المُعد الرئيسي للدراسة الدكتور كيسوكي كاواتا، طالب الدكتوراه بجامعة تيمبل بولاية فيلادلفيا الأمريكية: “تحدث حالة “نقطة التقارب القريبة near point of convergence” عندما تعجز العضلات التي تتحكم في حركة كرة العين عن ضبط حركة كل من العينين سويّةً للتركيز على الأجسام القريبة. وكنتيجة لذلك قد تبدو الكلمات التي يقرؤها الشخص ضبابية أو مضاعفة”.

وفي حالة لاعبي الكرة، فغالباً ما تكون هذه الحالة بسيطة بحيث لا يدركها اللاعب ولا تؤثر نهائياً في أدائه الرياضي أو المدرسي. إلا أن اختبارات الرؤية تُظهر بأن الحالة موجودة لديهم طوال الموسم الكروي، لأنهم يمارسون اللعبة في أثناء ذلك بشكل يومي.

غالباً ما تشفى هذه الحالة من تلقاء ذاتها في غضون أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع بعد انتهاء الموسم الكروي، أي حين يتوقف اللاعبون عن لعب الكرة بشكل يومي.

يقول كاواتا: “إن ذلك يقودنا إلى الاستنتاج بأن الجهاز الحركي في العين بطيء التعافي بشكل كبير، وأنه عُرضة للأذى مع أقل إصابة في الرأس”.

يُضيف كاواتا بأن هذه الدراسة تُثير المخاوف بشأن اللاعبين المحترفين الذين يمارسون رياضة كرة القدم على مدار العام بدون توقف أو فترات استراحة تمنح الجهاز الحركي في العين بعض الوقت للتعافي من الارتطام المتكرر للرأس بالكرة.

يقول كاواتا: “في هذه الحالة فإن اللاعب يُعرض رأسه للارتطام بالكرة بشكل مستمر، وعلى الرغم من أن هذا الارتطام ليس قوياً للدرجة التي يُسبب فيها ارتجاجاً للدماغ، إلا أن أثره التراكمي بعد عشرين أو ثلاثين سنة، قد لا يكون محموداً أبداً”.

يقول مُعدّو الدراسة بأن لاعب كرة القدم يتعرض وسطياً لحوالي 1350 حالة ارتطام كرة بالرأس في الموسم الكروي الواحد.

وبحسب الدكتور أندرو لي، رئيس قسم الأمراض العينية بمستشفى جامعة هيوستن بولاية تكساس الأمريكية، فإن الأشخاص الذين يعانون من ارتجاج كامل في الدماغ يشكون من أعراض متعلقة بحالة “نقطة التقارب القريبة”.

وقد كان الدكتور كاواتا قد أجرى مع فريق بحثه دراسةً سابقة طلب فيها من لاعبي كرة قدم أن يصدّوا برؤوسهم 10 كرات يُطلقها جهاز آلي، ووجد الباحثون في حينها بأن حالة “نقطة التقارب القريبة” كانت مشاهدة بشكل أوضح لديهم، وأنها لم تتعافى بعد يوم كاملٍ من الاستراحة وعدم نطح الكرة، وهو ما يعني بأن الحالة لا تشفى بسرعة.

أما في هذه الدراسة، فقد قام الباحثون بإشراك 29 لاعباً متطوعاً من فريق الجامعة لكرة القدم، وطلبوا منهم تركيب واقٍ فمويٍ ذكي، يُسجّل عدد المرات التي يضرب فيها اللاعب الكرة برأسه في أثناء المباراة، ومدى تسارع حركة الرأس في أثناء الضربة الواحدة.

قام الباحثون بتتبع هؤلاء اللاعبين في أثناء معسكر تدريبي قبل بداية الموسم الكروي، وقاموا بتوزيعهم في مجموعتين، تلقى أفراد المجموعة الأولى ضربات كروية أقوى على رؤوسهم، في حين تلقى أفراد المجموعة الثانية ضرباتٍ أضعف. لم تكن أيّ من تلك الضربات قوية بما يكفي لتُسبب ارتجاجاً دماغياً لدى اللاعب، كما أنها لم تُسبب أي أعراضٍ محسوسة لدى اللاعب، بغض النظر عن شدتها ومدى تكرارها.

إلا أن اختبارات الرؤية أظهرت بأن أفراد المجموعة الأولى – التي تلقت الضربات الأقوى- عانَوا بشكل أو بآخر من حالة “نقطة التقارب القريبة”، وأن أعراض هذه الحالة استمرت لديهم لثلاثة أسابيع انتهاء المعسكر التدريبي والتوقف عن اللعب، ثم تعافت بعد ذلك كُلياً.

جرى نشر نتائج الدراسة في الثاني عشر من شهر مايو الحالي في مجلة الرابطة الأمريكية للطب المختصة بأمراض العيون JAMA Ophthalmology.

يقول الدكتور لي: “أعتقد أنه من الضروري إجراء المزيد من الدراسات في هذا الصدد باستخدام عدد أكبر من المتطوعين. فقد أظهرت هذه الدراسة من جهة بأن اختبار الرؤية قد يكون مؤشراً جيداً لقياس مدى الضرر الحاصل في الدماغ، وينبغي من جهةٍ أخرى ألا نستهين أبداً بحالة “نقطة التقارب القريبة” فربما تكون الرأس الذي يخفي تحته جبلاً جليدياً من المشاكل العصبية الإدراكية”.

هيلث داي نيوز، دينيس ثومبسون