وهو الطرائقُ التي يتَّبعها الطبيبُ في فحص المريض في سريره، أو على فراشه. وهو مصطلحٌ مُستحدَث لم يرِد في الكتب الطبِّية العربية التراثية.
لقد مارس الأطبَّاءُ العرب الفحوصَ السريرية خلال زيارة المرضى في بيوتهم، أو في أثناء عِيادتهم في المستشفى. وكان الطبيبُ الحاذِق يتقنها إتقاناً تاماً. وهذه الفحوصُ كبيرة الفائدة وضرورية لوضع تشخيصٍ صحيح.
يجري فحصُ المريض سريرياً، بعدَ استجوابِه أو استجواب ذويه، وذلك بالنظر إلى سحنته ولون جلده وملتحمة عينيه، وبلمس جلده لتقدير حرارة جسمه أو برودته، أو لكشف خشونة الجلد أو لينه ويبسه، ويُنظَر إلى وضعيَّة المريض في فراشه، ويُراقَب تنفُّسُه وسعاله، ويُجَسُّ نبضُه، ويُستَفسَر عن استمرائه للطعام والشراب.
وأخيراً، تُعاين قارورةُ البول، ويُعايَن البراز، والقيء، ونفث الدم، ليُقدَّر ما فعلَه المرضُ بالكلى والكبد والأمعاء والرئتين.
وقد أجمل الطبيبُ العربي عليُّ بن رضوان النَّظرَ إلى أهمِّية الفحص السَّريري أو الإكلينيكي للمريض، وفصَّل في ذلك تَفصيلاً واضِحاً بيِّناً، حيث يَقول: “تُعرَف العُيُوبُ بأن تنظرَ إلى هيئة الأعضاء والسِّحنة والمزاج وملمس البشرة، وتتفقَّد أفعال الأعضاء الباطنة والظاهرة، مثل أن تنادي به من بعيد، فتعتبر بذلك حالَ سمعه، وأن تعتبر بصرَه بنظر الأشياء البعيدة والقريبة، ولسانه بجودة الكلام، وقوَّته بشيل الثِّقل والمسك والضبط والمشي وأنحاء ذلك، مثل أن تنظرَ مشيَه مُقبِلاً ومدبراً؛ ويُؤمَر بالاستلقاء على ظهره ممدودَ اليدين قد نصبَ رجليه وصفَّهما، وتعتبر بذلك حالَ أحشائه؛ وتتعرَّف حالَ مزاج قلبه بالنبض وبالأخلاق، ومزاج كبده بالبول وحال الأخلاط؛ وتعتبر عقلَه بأن يُسأَلَ عن أشياء، وفَهمِه وطاعته بأن يُؤمَر بأشياء، وأخلاقه إلى ما تَميل بأن تعتبرَ كلَّ واحد منها بما يحرِّكه أو يسكنه، وعلى هذا المثال أجرُ الحال في تفقُّد كلِّ واحد من الأعضاء والأخلاق، أمَّا فيما يمكن ظهوره للحس فلا تَقنع فيه حتَّى تُشاهده بالحس؛ وأمَّا فيما يُتعرَّف بالاستدلال، فاستدلَّ عليه بالعَلامات الخاصَّة، وأمَّا فيما يُتعرَّف بالمسألة فابحث عنه بالمسألة، حتَّى تعتبرَ كلَّ واحد من العيوب، فتعرف هل هو عَيبٌ حاضِر أو كانَ أو متوقَّع، أَم الحال حال صحَّة وسلامة”.
كما يَقول: ” البدنُ السليم من العيوب هو البدنُ الصَّحيح الذي كلُّ واحد من أعضائه باقٍ على فضيلته، أعني أن يكونَ يفعل فعلَه الخاص على ما ينبغي”.
ومن كلامه، قال: “إذا دُعيت إلى مريضٍ، فأَعطِه ما لا يضرُّه إلى أن تعرفَ علَّتَه فتُعالجها عند ذلك. ومعنى معرفة المرض هو أن تعرفَ من أيِّ خلط حدث أوَّلاً، ثمَّ تعرف بعدَ ذلك في أيِّ عضو هو، وعندَ ذلك تعالجه”.