ردَّ القدماءُ، ومنهم الأطبَّاءُ العرب والمسلمين، أسبابَ الأمراض إلى فساد أخلاط الجسم، بالنقص أو بالزيادة ، أو بفساد طَبيعتها، أو عدم نُضجها، أو بتوقُّف نضجها.
أمَّا سوءُ مزاجٍ عضو ما فيَنجم عن سوء قِيامه بوظيفته، ويحدثُ ذلك حين يتبرَّد إذا كان مزاجُه الطبيعي حاراً، أو تزداد حرارتُه إذا كان مزاجُه الطبيعي بارداً.
هذا فيما يتعلَّق بالأمراض الباطنة التي تصيب الأعضاءَ المفردة. أمَّا الأمراضُ الباطنة التي تصيب الجسمَ كلَّه، كالحُمَّيات مثلاً، فقد رَدُّوا حُدوثَها إمَّا إلى فساد هواء المنطقة، أو فساد مياهها، أو إلى عفنٍ يُصيب بعضَ الأخلاط، لاسيَّما الدم.
ومن الجدير بالذكر أن نشيرَ إلى أنَّ ابنَ سينا كان أوَّلَ من تَحدَّث عن الهواء الفاسد، وإمكانيَّة نقله للأمراض. وهذه إشارةٌ منه إلى وجود عوامل مُمرِضة تنتقل بالهواء (وهي ما تُعرَف في أيَّامنا هذه بالجراثيم أو البكتيريا).
كما أنَّ هناك أسباباً طارئة أو خارجية لبعض الأمراض، كالجُروح بالآلات القاطعة، والرُّضوض بالأحجار أو ما شابهها، ولدغ الأفاعي والحشرات، والإصابات النَّاجمة عن الشمس المُحرِقة والبرد القارس وما شابه ذلك.