بين اساليب التربية القديمة واساليب التربية الحديثة اطفالنا الى اين !!!

         سابقا كان ينظر الى الطفل باعتباره انه لا يفهم شيء و لا يدرك الحياة هذه النظرية خاطئة جدا، فالطفل يفهم كل شيء ويريد ان يكتشف كل شيء في اسرته ومجتمعه

         افلاطون: التربية هي إعطاء الجسم والروح كل ما يمكن من الجمال، وكل ما يمكن من الكمال

         ان اسباب العناد والتمرد للأولاد هو الدلال المفرط وهو الخراب الحقيقي لشخصيتهم مستقبلاوالقسوة مطلوبة لكن بحدود

         علينا ان نتعامل مع الطفل بشكل حازم فالمعاملة الحازمة هي من اساليب التربية الجيدة لان فيها نوع من الديمقراطية وفيها نوع من الحزم

شعبة اعلام كلية التمريض / وسن البلداوي

الطفل هو اللبنة الاساسية لكل مجتمع وعليه المعول في بناء البلدان وخصوصا اذا بني على اساس فكري وتربوي واجتماعي ونفسي بالشكل الذي يضعه على الطريق الصحيح، فنحن نعيش في زمانمتسارع ومتطوروكل يوم هناك جديد فيه وعلينا ان لا نقف على الحياد منهذا التطور ونكتفي بالمراقبة بل علينا ان نشارك به ونستفيد منه وبالتالي نطورأنفسنا.
والتطور لم يترك أي جهة إلا واخترقها ومن ضمن تلك الجوانب والجهات الجانبالتربوي، اذ بدأنا نرى ان هناك أساليب تربوية جديدة ومتجددة دائما يخضعها أصحابهاللاختبارات المستمرة بهدف الارتقاء بها وكل هذا يصب في مصلحة الفرد والمجتمعوالدولة، سواء أكان تربية أسرية أو تربية مدرسية.
والمجتمع  بأمس الحاجةإلى تطوير الأساليب التربوية حيث لا يخفى على احد تدني مستوى الأجيالعلى كافةالأصعدة وهذا الهبوط في المستوى يؤثر على المجتمع والفرد والدول بصورة سيئة جداويكون سببا مباشرا في تأخر البلدان.

ما بين اساليب التربية القديمة واساليب التربية الحديثة؟ ما بين الدلال والقسوة؟ والاعتدال في التعامل مع فلذات الاكباد.. (شعبة اعلام كلية التمريض) تسلط الضوء على هذا الموضوع من خلال استطلاع اراء شرائح مختلفة من المجتمع مع الاخذ بنظر الاعتبار اراء ذوي الاختصاص في علم النفس والصحة النفسية.

 

تجربة خاصة

م.م.حسين سعدي رئيس فرع العلوم الاساسية في كلية التمريض بجامعة كربلاء نقل لنا تجربته الخاصة في تربية اولاده قائلا:

العائلة التي نشأت فيها كان لها نموذجاً تربوياً ناجحاً يصلح ان يقتدى به، وانقل لكم التجربة لتعم الفائدة من خلال بعض ادوات واسباب النجاح الذي تعلمته من والدي وطبقته في عائلتي، فكان الوالد(رحمه الله) ينتهج اسلوباً رائعاً كونه كان يطبق حديث أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) ومضمونه الولد يترك لسبع سنين ويؤدب سبع ويتخذ اخ وصديق بعد ذلك، وكان الوالد يستخدم اسلوب الترهيب والترغيب ولا يتهاون في العقاب ابدا.

اما الوالدة رحمها الله فقد كانت قمة العفة والحياء وكتلة من الحنان، علمتنا الاخلاق الفاضلة واحكام الدين والصلاة وكانت هذه الخلطة ناجحة سببت في نجاح هذه الاسرة، حيث ان قوة شخصية الاب وقسوته احيانا يعوضها حنان  الام يجعل من هذه الخلطة مزيجا مهما في حياة الطفل وطبقت هذه التجربة في حياتي العائلية الا اني اقل من والدي قسوة وقد لمست اثار النجاح في هذه الاساليب

الدلال المفرط هو الخراب الحقيقي والقسوة مطلوبة لكن بحدود

السيدة اعيان القريني/ موظفة تقول:

 من وجهة نظري كأم ومربية ان اسباب العناد والتمرد للأولاد هو الدلال المفرط وهو الخراب الحقيقي لشخصيتهم مستقبلا، ومن ناحية اخرى ان القسوة مطلوبة لكن بحدود, ودون افراط لكي يعرف الاولاد حدودهم ولا يتجاوزوها, باعتبار ان الوالدين قدوتهم في الحياة، فما بين عدم الافراط بالدلال وقوة شخصية الوالدين هنا يكمن النجاح الحقيقي للتربية فالاعتدال هو سيد الاساليب بنظري, لكن توجد مقارنة بين اساليب التربية القديمة و الحديثة فلكل زمن له اسلوبه الخاص بالتربية، وهناك مسئلة لا تختفي عن اذهاننا وهي الوراثة فهي بنظري تلعب دور كبير في شخصية الاولاد، وبالنهاية فهم فلذات ولا طعم للحياة من دونهم .

يقول السيد محسن صاحب صالح :

ان من اصعب المهام على الاب والام هو التعامل والتربية وخصوصاً في زمن المغريات والعولمة التي اصبح من الصعب السيطرة عليها لأنها دخلت في جميع مفاصل الحياة و الافضل لكل العوائل هو التعامل بالحياة المخلوطة بالأمور الدينية والقريبة من القرآن واهل البيت وعلومهم السمحة والشريفة التي تتأقلم مع كل زمان ومكان .

التربية القديمة لابد من تحديثها

المهندسة نعماء الحسيني/ موظفة

ان الاحتفاظ بجوهر العادات والتقاليد مع الاحتفاظ بخصوصية الفرد ورأيه وخيارته هو هدف اساسي من اهداف التربية الحديثة، وهذه الطريقة تكون افضل من الطرق القديمة من حيث حدوث الاخطاء فيكون العقاب بجلسة توعية من الاب والام ,ولا بد للأهل الاطلاع على اسس التربية الحديثة التي تفرض على الابناء الالتزام بالوعود وتحملهم مسؤولية تنفيذها, انها عملية ثقة بين الاهل والابناء،

فأن متطلبات القرن الحادي عشر والعشرين لا تتلاءم مع الاسس القديمة للتربية التقليدية والتي كانت تقوم على السيطرة والرهبة والقمع ولكن التربية القديمة لابد من تحديثها نحن الان في زمن الحوار مع الاولاد.

لكل غلطة عقاب

ابو محمد يقول:

انا مع التربية التي كبرنا وتربينا عليها وهي القسوة والاعتماد على النفس فهو الاسلوب الصحيح في التربية، وعلى ابني ان يكون مطيعاً ولا يعصيني فالقسوة تصنع من الاولاد رجالا.

شاركته في الراي السيدة ام سيف اكدت:

انا عندما اعاقب اولادي، هذا لا يعني اني لا احبهم بل على العكس من شدة حبي لهم احاول ان اردعهم كي لا يتكرر الخطأ، فلكل خطأ عقوبة لدي وانا بطبعي لا اغفر بسهولة كي يتربى الطفل ويعرف خطأه.

اضافة الى ذلك الظروف النفسية الصعبة التي نعيشها منها الاقتصادية والاجتماعية، جعلتنا قليلي الصبر في التعامل مع الاولاد، فاسهل حل هو ردعه وضربه كي لا يكرر الخطأ.

الاختصاص النفسي والاجتماعي

الدكتور ناجح السلطاني استاذ علم النفس في كلية التمريض بجامعة كربلاء:

يعتبر الطفل نواة بناء المجتمع والركيزة الاساسية التي يعتمد عليها في

المستقبل، فيجب بناء هذه النواة بشكل سليم ليكون هذا الطفل الاداة التي تبنى بها الاوطان وقائدا في المستقبل، من هنا يجب علينا الاهتمام بتربية الاطفال وان نقدم لهم الدعم والاسناد وخلق لهم بيئة محفزة بحيث نستطيع ان نستوعب كل امكانياتهم.

ففي مرحلة الطفولة فاغلب علماء النفس يؤكدون وخاصة مدرسة التحليل النفسي وزعمائه فرويد وهورناي على ان الخمس سنوات الاولى من حياة الطفل نستطيع ان نرسم بها ملامح شخصيته للمستقبل، فالمدرسة السلوكية في علم النفس تؤكد على هذا الجانب لكن بشكل اخر فـ واتسن يقول اعطوني عشرة اطفال اعطيكم عشرة علماء، بما يعني اننا نستطيع ان نصنع من الطفل عالماً، ويوجد مثل شعبي يقول (ان الطفل كالورقة البيضاء نستطيع ان ننقش بها ما نريد)، فنستطيع ان نكتشف مواهب الطفل وابداعاته من خلال توفير له بعض الامكانات البسيطة مثل اللعب التي من خلالها ان يستطيع ان يعبر عن ارادته و رغباته و حقيقته، ويجب في تربيتنا ان لا نجعل الطفل مكبوت او عليه ضغط بل نعطيه الحرية اللازمة لبناء شخصيته، من خلال مشاركته في قرارات العائلة ليتولد لديه حب الذات لديه وقوة الشخصية حتى وان لم نأخذ بهذه القرارات لكن مجرد سماعنا لراي هذا الطفل يجعله سعيداً ويشعر بشخصيته وتقدير لذاته و يشعر بوجوده كفرد ضمن الاسرة وبالتالي يجعله يشعر بوجوده كفرد ضمن المجتمع.

 سابقا كان ينظر الى الطفل باعتباره انه لا يفهم شيء و لا يدرك الحياة هذه النظرية خاطئة جدا، فالطفل يفهم كل شيء ويريد ان يكتشف كل شيء في اسرته حسب نظرية (بياجه) وهي ان  المرحلة الاولى عند الطفل تبدأ بالحس حركية وهي بداية تعرف الطفل على كل شئ في البيئة ويجب مساعدته على اكتشافها لأنه عندما يتعرف على بيئته يستطيع ان يبدع في المستقبل وتنمو قدراته المعرفية والعقلية.

وعن المعاملة القاسية اكد السلطاني:

في رايي الخاص واغلب اراء علماء النفس ان القسوة من اساليب التربية الخاطئة، لأني كما ذكرت اننا يجب ان نحسس الطفل انه كائن اجتماعي يجب التعامل معه بإيجابية وترك السلبيات في التعامل معه لان السلبيات تولد السلبيات ،فعند عقوبة الطفل بالضرب لمجرد انه حاول اكتشاف شيء في بيئته سوف يلجئ الى التمرد وعدم الرضا على الطرف الاخر، وتنمو لديه العدوانية شيئا فشيئا، فكل المجتمعات الراقية تتعامل مع الطفل بحرية وايجابية واحترام وتوفير له ما يحتاج لأنه نواة المستقبل.

في الجانب الاخر الافراط في الدلال من اساليب الخاطئة ، سوف يجعل الطفل لا ابالي في كثير من الامور او قد لا يهتم للأمور التي تخصه او تخص الاسرة لأنه تعلم على الافراط وعدم الاهتمام ببعض الامور المهمة في تأدية واجباته بالشكل الصحيح.

اذن علينا ان نتعامل مع الطفل بشكل حازم، فالمعاملة الحازمة هي من اساليب التربية الجيدة لان فيها نوع من الديمقراطية وفيها نوع من الحزم في توضيح  راي الاب او الام للطفل، في الوقت ذاته اعطاءه جزء من الحرية ، لا حرية مطلقة ولا تسلط مطلق فالتربية المعتدلة تولد بيئة هادئة طبيعية لتربية الاطفال.

م.م. صافي داخل نوام الزيادي/ معاون عميد كلية التمريض / جامعة كربلاء / مختص بالصحة النفسية يقول:

لا يخفى على احد ما لتربية الطفل من اهمية بالغة في اعداد مجتمع خال من العيوب والانحرافات النفسية التي قد تجره الى  مجاهيل سحيقة ومظلمة .

فمرحلة الطفولة تعتبر حجر الاساس في عملية بناء الشخصية , فالطفل الذي يعيش  في دلال مثلا يكون احيانا عرضة للفشل في مستقبل حياته, والذي يعيش الدفئ العاطفي الاسري يكون احيانا رحوماً محباً للخير والمجتمع, والذي يعيش حياة قاسية يتعرض فيها للضرب والاستغلال الجسدي نادرا ما يخرج عضوا فاعلا في المجتمع فضلا عن انه ينصب العداء لكل ما هو طيب من صفات, وقد تنعكس معاناته في تصرفاته تجاه الاخرين.

وكما وصل لنا من جملة من الفلاسفة وعلماء النفس الكبار في التربية كافلاطون وارسطو وسقراط وفرويد وهاري سوليفان وبياجه وغيرهم كثير، اذ اكدوا على امر هام هو ان اي خلل او حرمان او تعد نفسي او جسدي يتعرض له الطفل في مرحلة الطفولة قد يؤدي الى عواقب وخيمة في الكبر من المشال النفسية والانحرافات التي قد تنعكس على المجتمع، واذا اخذنا مقولة افلاطون الشهيرة(التربية هي إعطاء الجسم والروح كل ما يمكن من الجمال، وكل ما يمكن من الكمال) او ارسطو حين قال (الغرض من التربية هو أن يستطيع الفرد عمل كل ما هو مفيد وضروري في الحرب والسلم، وإن يقوم بما هو نبيل وخير من الأعمال ليصل إلى حالة السعادة)او ما قاله الغزالي  ) ومعنى التربية، يشبه فعل الفلاح الذي يقلع الشوك، ويخرج النباتات الأجنبية من بين الزرع، ليحسن نباته ويكمل ريعه).

 

بين هذا وذاك نحن نعاني من مشكلة حقيقية وهي التشبث بالعادات والتقاليد القديمة دون العمل علىتطويرها لجعلها ملائمة للحاضر، اولادنا هم فلذات اكبادنا وهم مستقبل بلدنا، مهما تعصف بنا الظروف سواءاً الاجتماعية او الاقتصادية فهناك خط احمر علينا ان لا نتجاوزه وهو الاتزان والحكمة واتباع الراي السديد في تربية الاولاد والاستفادة من تجارب الاخرين، فالطفل هو نواة المجتمع وعليه المعول في بناء الاوطان.